ما هو حكم تداول الأوبشن ؟
أنت كمتداول مسلم تقف حائر لمعرفة ما هو حكم تداول الأوبشن ؟
بين جاذبية الفرص المالية التي تعدك بها أسواق المال والحملات الدعائية لشركات التداول.
بالمقابل مخاوفك الشرعية من الوقوع في المحرم يقف حائط أمامك؟
لذلك، هل تبحث عن رؤية واضحة تحدد لك الموقف من عقود الخيارات (الأوبشن) بعيداً عن الإفراط والتفريط في الإسلام؟
إن الحكم على أي عمل مالي ولا سيما منه تداول الأوبشن، يحتاج إلى فهم دقيق لطبيعتهُ، وتمحيص شرعي لأدلتهُ؛ من أجل أن ينطلق المُستثمر في معاملاتهُ على بينة ويقين.
ومن هنا، يأتي هذا المقال من خبراء توصيات ليسلط الضوء على حكم تداول الأوبشن في الفقه الإسلامي، عارض أهم آراء العلماء والمجامع الفقهية بشكلٍ متوازن، ونقدم بدائل عملية لكل من يتحفظ شرعاً على هذهِ العقود، سائلين الله أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم.
ما هو تداول الأوبشن (الخيارات) Option ؟
ضمن عالم الاستثمار الحديث، يبرز تداول عقود الخيارات كأداة مالية جديدة وفريدة تثير تساؤلات كثيرة حول مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية. ومن أجل فهم حكمها الشرعي، يجب بالأول استيعاب الطبيعة التقنية وكيفية عملها.
- عقود الخيارات وأنواعها الأساسية (Call & Put)
عقد الخيار (Option): هو عبارة عن اتفاقية تمنح الحق وليس الالتزام لشراء أو بيع أصل أساسي (مثل سهم أو سلعة) بسعر محدد مسبق، وفي تاريخ محدد أو قبلهُ، مقابل دفع ثمن هذا الحق.
وينقسم عقد الخيار إلى نوعين أساسيين وهما:
خيار الشراء (Call Option): يَمنح المشتري الحق في شراء الأصل الأساسي بسعرٍ مُحدد (سعر التنفيذ) في تاريخ مستقبلي. يتم استخدام هذا النوع عندما يتوقع المشتري أن سعر الأصل سيرتفع بالمستقبل.
خيار البيع (Put Option): يمنح المشتري الحق بيع الأصل الأساسي بسعر محدد (سعر التنفيذ) لكن أيضاً بتاريخ مستقبلي. ويتم اللجوء إلى هذا النوع عندما يتوقع المشتري أن سعر الأصل سينخفض مستقبلاً.
وهنا يجب الانتباه في كلا النوعين، يكون بائع الخيار ملتزم بالبيع أو الشراء إذا قرر مشتري الخيار تنفيذ حقهُ.
مقابل حصول البائع على القسط مقدم.
- كيف يختلف الأوبشن عن باقي أدوات التداول مثل الأسهم والعقود الآجلة؟
يتميز تداول الخيارات بفروق واضحة عن الأدوات الاستثمارية التقليدية، وهذهِ الفروق تشكّل أساس النقاش الفقهي حوله:
المعيار | الأسهم | العقود الآجلة (Futures) | عقود الخيارات (Options) |
طبيعة العقد | تملك حصة في رأس مال الشركة وحق في أرباحها | التزام ملزم لشراء أو بيع أصل في تاريخ مستقبلي | منح حق (وليس التزام) لشراء أو بيع أصل في المستقبل |
المخاطرة | محدودة (حتى قيمة الاستثمار) | عالية جداً على كلا الطرفين (البيع والمشتري) | مشتري الخيار مخاطرتهُ محدودة بقيمة القسط الذي دفعه. بائع الخيار مخاطرتهُ غير محدودة نظرياً |
الرافعة المالية | منخفضة نسبياً | عالية جداً | عالية جدا، حيث تتحكم بمبلغ صغير (القسط) في أصل كبير القيمة |
الجدل الفقهي | جائز بشكل عام (إذا كانت الشركة تلتزم الضوابط الشرعية) | محرم عند الجمهور لوجود الغرر والربا والقمار | مثار جدل؛ حيث يرى البعض أنها نوع من المخاطرة (القمار) والغرر، بينما يرى آخرون إمكانية توافقها مع الضوابط الشرعية بشروط رئيسية |
أنواع عقود الأوبشن وموقف الشريعة منها
الذي يجب معرفته أنّهُ تختلف أنواع عقود الخيارات من حيث آلية التنفيذ والهيكلية.
وهذا يؤدي إلى اختلاف في الأحكام الشرعية بينها.
فهم هذهِ الفروق التقنية أساسي لتحديد المواقف الفقهية من كل نوع.
الفرق بين الخيارات الأمريكية والأوروبية
من الناحية التقنية يتم تصنيف عقود الخيارات بناءً على توقيت حق التنفيذ إلى نوعين رئيسيين:
- الخيارات الأوروبية (European Options)
لا يمكن لمشتري هذا النوع تنفيذ الحق في الشراء أو البيع إلا في تاريخ انتهاء العقد فقط، وليس قبل ذلك.
هذهِ الصفة تجعل عنصر المجهولية (الغرر) فيها أقل نسبياً، حيث أن مدة الانتظار محددة ومرتبطة بلحظة زمنية واحدة معروفة مسبقاً.
- الخيارات الأمريكية (American Options)
يتميز هذا النوع بمرونة أكبر، حيث يمكن لمشتري الخيار تنفيذ حقّهُ في الشراء أو البيع في أي لحظة بداية من شراء العقد وحتى تاريخ انتهاء الصلاحية. هذه المرونة تزيد من درجة عدم اليقين والغرر، لأن الطرف الآخر (البائع) لا يعلم متى سيُطلب منه الوفاء بالتزامه.
من منظور فقهي
يعتبر بعض الباحثين أن الخيار الأوروبي أقرب إلى التوافق الشرعي من الأمريكي، ويعود هذا لأن تقييد التنفيذ في تاريخ محدد يقلل من عنصر المجهولية والغرر، وهو أحد أهم الموانع الشرعية التي يذكرها العلماء في تحريم عقود الخيارات التقليدية. بينما تزيد المرونة في الخيار الأمريكي من حدة هذا الغرر. وهذا ينقلنا لسؤال مهم..
- هل الأوبشن المغطى (Covered Call) أكثر توافق مع الشريعة ؟
بالحقيقة هو إستراتيجية يتخذها مستثمر يملك بالفعل الأسهم الأساسية (مثل أن يملك 100 سهم من شركة آبل)، ثم يقوم ببيع خيارات شراء (Call Options) على نفس الكمية من أسهم آبل التي يمتلكها.
مثال للتوضيح
إذا كنت تملك 100 سهم في شركة آبل، وتتوقع أن سعرها سيبقى مستقر أو سيرتفع قليلاً، يمكنك بيع خيار شراء (Call Option) لشخص آخر يعطيه الحق بشراء أسهمك بسعر محدد.
مقابل ذلك، تحصل أنت على “قسط” من المشتري فوراً.
إذا ارتفع السعر فوق سعر التنفيذ، فأنت ملتزم ببيع أسهمك لهذا المشتري.
إذا لم يرتفع، فإنك تحتفظ بالقسط كربح دون أن تبيع أسهمك.
- وهذا السبب ينقلنا إلى الموقف الشرعي:
تُعتبر هذه الإستراتيجية من أنواع تداول الخيارات التي قد تكون مقبولة من قبل بعض العلماء والمؤسسات المالية الإسلامية، وهذا يعود لأسباب تالية:
- تغطية الالتزام بأصل مملوك فعلي: البائع هنا يمتلك الأصل الأساسي الذي يلتزم بيعه حال تنفيذ الخيار، مما يزيل عنصر “بيع ما لا تملك” الذي يعد من كبائر المحرمات في البيع.
- تقليل الغرّر والمخاطرة: لأن البائع لديه أصل ملموس يغطي التزامه، تقل درجة المخاطرة الشديدة بالنسبة له مقارنة بالبائع غير المغطى (Naked Seller) الذي يبيع خيارات على أصل لا يملكهُ.
بدائل شرعية لتداول الأوبشن
المستثمر المسلم الذي يتحفّظ على تداول الأوبشن التقليدي بسبب ما فيه من غرر و مخاطرة عالية، توجد بدائل استثمارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية تحقق نمو لرأس المال مع التوافق الشرعي.
الاستثمار في الأسهم النقية بدون المشتقات
الاستثمار المباشر في الأسهم من أبرز البدائل الشرعية، شريطة الالتزام بضوابط مهمة:
- اختيار الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية: انتقاء أسهم شركات لا تتعامل بالربا، ولا تعمل في أنشطة محرمة كالخمور أو القمار.
- التداول بطريقة شرعية: تجنّب البيع المحرم كبيع الدين، والبيع الذي فيها غرر فاحش.
- التركيز على الاستثمار لا المضاربة: اعتماد استراتيجية الاستثمار طويل الأجل في أسهم شركات قوية أساسها متين، بدل من المضاربة اليومية على تقلبات الأسعار التي تُشبه المقامرة.
- التنويع: المحفظة الاستثمارية على قطاعات مختلفة لتقليل المخاطر.
فتح حساب تداول إسلامي بدون فوائد أو رافعة مشبوهة
ظهرت في السنوات الأخيرة حلول عملية تلبي حاجة المستثمر المسلم، أبرزها:
- حسابات شرعية مع شركات تداول إسلامية : تقدم العديد من شركات الوساطة العالمية والمحلية الآن “حسابات إسلامية” خالية من:
- الفوايد (الربا): لا تفرض أية فوائد على الأرصدة النقدية في الحساب، ولا على صفقات التداول التي تحتفظ بها لأكثر من يوم؛ رسوم السواب.
- الرافعة المالية المشبوهة: بينما تقدم بعض الحسابات رافعة مالية، فإنها تكون محدودة ومراقبة وغالباً ما تصمم بطريقة تختلف عن آليات الاقراض الربوية التقليدية.
- التركيز على الأدوات الأساسية: تتيح هذه الحسابات عادة التداول في الأسهم والسلع (بطريقة المرابحة الشرعية) والعملات (الفوركس بضوابط) دون اللجوء إلى عقود الخيارات أو العقود الآجلة المحرمة.
- الشفافية والرقابة الشرعية: تخضع الحسابات الإسلامية عادة لإشراف هيئات رقابة شرعية لفحص منتجاتها وضمان التزامها بالأحكام الإسلامية في المعاملات المالية.
الأسئلة الشائعة عن حكم تداول الأوبشن
هل تداول عقود الأوبشن حلال أم حرام ؟
الجواب: لا يوجد إجماع بين العلماء على حكم واحد، بل هناك رأيان رئيسيان:
رأي التحريم: وهو رأي أغلب العلماء والمجامع الفقهية المعاصرة وذلك لوجود عدة محاذير شرعية رئيسية، أهمها: الغرر الفاحش والمخاطرة المشابهة للمقامرة.
رأي الجواز بشروط: وهو رأي أقلية من الباحثين المعاصرين، ويشترطون لجواز أنواع محدودة جداً من الخيارات (مثل الخيارات الأوروبية المغطاة) مع شروط صارمة، أن يكون الأصل الأساسي موجود ومملوك فعلي، وأن يكون العقد محدد بسعر ووقت معروفين، وألا يكون القصد المقامرة المحضة بل إدارة المخاطر (التحوط).
ما هي أبرز المحاذير الشرعية في تداول الأوبشن؟
يمنع أغلب علماء الإسلام تداول عقود الخيارات (الأوبشن) في صورتها التقليدية في الأسواق المالية العالمية لوجود عدة محاذير شرعية جوهرية فيها، أبرزها:
الغرر الفاحش وهو من أبرز أسباب التحريم. ويتمثل بعدم التأكد من حصول العقد من الأساس.
حيث قد ينتهي العقد بعدم التنفيذ ويخسر المُشتري كامل القسط المدفوع.
المخاطرة غير المحسومة بطبيعة العقد القائمة على المخاطرة والرهان على اتجاه السوق (سعر الأصل) في فترة زمنية محددة.
بيع ما لا يملك؛ البيع على المكشوف (Short Selling): عندما يبيع المتداول خيارات على أصل لا يملكه أساساً وهو من البيوع المنهي عنها شرعاً لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تبع ما ليس عندك”.
الربا والاقتراض الربوي؛ قد يتطلب بيع الخيارات (خاصة غير المغطاة) من المتداول إيداع هامش (Margin) لدى الوسيط، والذي قد يتم تمويله بفوائد ربوية إذا لم يكن لدى المتداول رأس المال الكافي.
هل توجد شركات وساطة توفر حسابات إسلامية تمنع تداول الأوبشن؟
الجواب: نعم، موجودة العديد من شركات التداول الإسلامية وتقدم ما يسمى “الحسابات الإسلامية” التي تلتزم بعدة مبادئ، منها: