ما هو مؤشر عدد الوظائف غير الزراعي في الولايات المتحدة (NFP)؟

يعد مؤشر الوظائف غير الزراعية (NFP) واحد من أبرز المؤشرات الاقتصادية حول العالم، لأن من خلاله تنعكس حالة سوق العمل الأمريكي بصورة مباشرة.
مما له تأثير على قرارات المستثمرين، والسياسات المالية، وأسواق العملات والسلع.
في هذا المقال التحليلي نعرض بالتفصيل كل ما يتعلق بمؤشر NFP وأهميته في التحليل الاقتصادي والأسواق المالية.

تعريف مؤشر الوظائف غير الزراعية (NFP)

ما المقصود بمؤشر NFP وما الذي يقيسه؟

إن مؤشر الوظائف غير الزراعية، أو ما يُختصر بـ NFP، هو تقرير شهري يصدره مكتب إحصاءات العمل الأمريكي (BLS).
من أجل قياس الوظائف الجديدة الموجودة في القطاعات الاقتصادية غير الزراعية خلال الشهر الماضي، هذا المؤشر يشمل مجالات متنوعة مثل: الصناعة، البناء، الخدمات، والقطاع الحكومي، ويقدم صورة واضحة عن اتجاهات سوق العمل وتقلباته في الولايات المتحدة.

كما أن مؤشر NFP يقوم بقياس قوة الاقتصاد الأمريكي بمراقبة حجم التوظيف ونمو العمالة، وهذا مؤشر قوي لما فيه من ثقة ودقة يمثل قدرة الاقتصاد على إتاحة فرص عمل جديدة.
وفي هذا السياق أيضاً، تمثل زيادة عدد الوظائف غير الزراعية غالباً نمواً اقتصادياً مستمراً، أما تراجعها فيشير إلى تباطؤ اقتصادي أو ركود قريب محتمل.

لماذا يُستبعد القطاع الزراعي من حساب المؤشر؟

من المعروف أن القطاع الزراعي يتأثر عادة بالعوامل الموسمية، مثل: مواسم الحصاد، والطقس، ما يؤثر سلبياً وينتج عنه تقلبات كبيرة في البيانات، إذا ضُمن قد يعطي تصوراً مضللاً عن حالة سوق العمل الفعلي.
ولذلك يُستبعد القطاع الزراعي من حساب مؤشر NFP لأسباب عديدة لها علاقة بالاستقرار والدقة.
وفي هذا السياق فإن الهدف من استبعاد الزراعة هو الاهتمام بالقطاعات الاقتصادية الأكثر استقراراً والتي تجسد النشاط الاقتصادي المستمر، مثل: الصناعة والخدمات، وهذا يعطي مؤشر NFP ثقة بوصفه أداة خاصة للمستثمرين وصانعي السياسات.

أهمية مؤشر NFP في التحليل الاقتصادي

دوره في قياس نمو الاقتصاد الأمريكي

يؤدي مؤشر NFP دوراً مهماً في تقييم سلامة الاقتصاد الأمريكي، إذا إن ارتفاع عدد الوظائف غير الزراعية يدل على أن الشركات تستثمر وتوسع أعمالها، وأن العمالة المطلوبة في السوق في تزايد.
وهذا من شأنه أن يمثل ارتفاع في الطلب على السلع والخدمات، ويتصل عادة بارتفاع الإنتاجية والدخل القومي.

في المقابل، فإن انخفاض مؤشر NFP أو تباطؤ نموه قد يكون مؤشراً على تباطؤ اقتصادي، وقد يؤدي إلى مراجعة السياسات المالية والنقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مثل: تعديل أسعار الفائدة أو برامج التحفيز الاقتصادي.

علاقته بمؤشرات أخرى مثل معدل البطالة ومتوسط الأجور

مؤشر NFP لا يعمل بمعزل عن المؤشرات الاقتصادية الأخرى، فهو متصل بشكل وثيق بمعدل البطالة، لأن ارتفاع الوظائف الجديدة عادة ما يؤدي إلى انخفاض معدلات البطالة، والعكس صحيح.
كما أن متوسط الأجور يتأثر بتغيرات NFP، حيث أن سوق العمل القوي يزيد من القدرة التفاوضية للموظفين، ويؤدي إلى زيادة الأجور بصورة مقبولة.
في ذات السياق، المحللون والمستثمرون عادةً يقاربون بين بيانات NFP ومعدل البطالة ومتوسط الأجور للحصول على صورة شاملة عن سوق العمل واتجاهات الاقتصاد، فيساعدهم ذلك في اتخاذ قرارات استثمارية مبنية على قواعد علمية.

تأثير مؤشر NFP على الأسواق المالية

تأثيره المباشر على الدولار الأمريكي وسوق الفوركس

المراقب للأسواق المالية يعرف أن مؤشر NFP ضمن المؤشرات التي تؤثر على قيمة الدولار الأمريكي في أسواق الفوركس. وإن زيادة الوظائف غير الزراعية تمثل قوة الاقتصاد، وهذا يؤدي عادة إلى ارتفاع الدولار أمام العملات الأخرى.

ومن جهة أخرى، إذا جاءت النتائج أقل من التوقعات، فإن الدولار قد يواجه ضغط هبوط. وفي سياق متصل، فإن المستثمرين والمتداولين في سوق الفوركس يراقبون بيانات NFP باهتمام.
حيث يمكن لتحركات الدولار الناتجة عن التقرير أن تؤدي إلى تقلبات قوية خلال دقائق من صدوره، ما يجعل هذا الوقت أكثر الأوقات حساسية بالنسبة للمتداوين.

كيف تتفاعل مؤشرات الأسهم الأمريكية مع نتائج NFP؟

إن الأسواق الأمريكية مثل ناسداك، داو جونز، وS&P 500 تتأثر بصورة كبيرة بنتائج NFP، لأنها نتائج قوية تمثل نشاطات اقتصادية هامة، ما يقوي التفاؤل بشأن أرباح الشركات ويدعم الأسهم، أما النتائج المخيبة للآمال فقد تؤدي إلى انخفاض مؤشرات الأسهم بسبب القلق من تباطؤ النمو الاقتصادي. عادةً، الأسهم التي تعتمد على الطلب المحلي والخدمات الاستهلاكية تتأثر مباشرة بالوظائف الجديدة، حيث يرتبط ارتفاع التوظيف بزيادة الإنفاق والاستهلاك.

كيف يتفاعل الذهب مع نتائج NFP؟

يتأثر الذهب بشكل سلبي إذا ارتفع الدولار الأمريكي الناتج عن نتائج NFP الفعّالة، فعندما يكون الاقتصاد الأمريكي قوياً وأسعار الفائدة محتملة للزيادة، يقل الطلب على الذهب كصنف آمن للتداول والاستثمار.
مما يؤدي إلى انخفاض أسعاره. في حين أن البيانات الضعيفة تزيد من تفضيل المستثمرين للذهب، ما يرفع الأسعار.
كما أن المتداولين في الذهب يعتمدون على بيانات NFP لتحديد اتجاهات السوق قصيرة الأجل، ويعتمدون عليها في استراتيجيات التحوط وتقليل حدة المخاطر إلى مستويات أقل.