فتاوى فوركس

ما حكم تداول البيع على المكشوف

السؤال الأكثر تداول ربما بين أوساط المتداولين وهو: ما حكم تداول البيع على المكشوف ؟
فيظل عقد البيع، بمختلف صوره وأشكاله الركيزة الأساسية للنشاط الاقتصادي.
وقد وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط محكمة من أجل تحقيق العدل والشفافية ودرء الغرر والجهالة.
وفي تطور الأسواق المالية وتعقيد الأدوات، برزت ممارسات جديدة تستدعي وقفة متأنية فقهية لقياسها على أصول الشريعة ومقاصدها.
ومن أبرز الممارسات وأكثرها إثارة للجدل ما يعرف في عالم المال بـ البيع على المكشوف (Short Selling).
ويمكن تعريف البيع على المكشوف على أنها عملية بيع الأصل المالي (كأسهم أو عملات أو سلع) لا يمتلكها البائع في الواقع، بل يقترضها من وسيط أو طرف ثالث، على أمل أن ينخفض سعر الأصل في السوق في المستقبل.
فيقوم البائع بإعادة شراء الأصل بسعر أقل، ليردّه إلى المقرض محقق من وراء ذلك ربح من الفرق بين سعري البيع والشراء.

Exness

ومن هُنا تبدأ الإشكالية لهذا النوع من المعاملات، وهُنا خبراء توصيات من خلال المقالة التحليلية تحاول الإجابة عليه، من خلال استعراض الأدلة وبناء على القرارات للمجامع الفقهية المعتبرة يتبين لك الجواب الشرعي.

ما هو البيع على المكشوف Short Selling

من أجل المناقشة الفقهية لأي معاملة حديثة يجب الفهم الدقيق لآليتها التقنية وأهدافها.
لتتم مقارنتها بعد ذلك بالأحكام الشرعية.

تعريف البيع على المكشوف ومالربح من هبوط الأسعار

البيع على المكشوف Short Selling عبارة عن استراتيجية ربحية تهدف لتحقيق أرباح من انخفاض سعر الأصل المالي، كالسهم أو العملة أو غيرها. وهو نقيض الاستثمار التقليدي (الشراء ثم البيع)، حيث تتم آلية البيع بالأول ثم الشراء لاحقاً. يقوم جوهر هذه العملية على عنصرين أساسيين:

  • البيع أولاً: بيع أصل لا يمتلكهُ البائع في لحظة التعاقد.
  • الاقتراض: الحصول على هذا الأصل عن طريق الاقتراض من وسيط مالي، يكون عادة وسيط التداول نفسه بناء على اتفاق مسبق.

دور الوسيط وتقنية الإقراض في تمكين العملية

يُعتبر الوسيط المالي “شركة التداول” حجر أساس في عملية البيع على المكشوف من خلال:

  • اتفاقية الهامش: يشترط الوسيط على العميل فتح حساب تداول بالهامش، الذي يسمح بالاقتراض وتكون هذه الاتفاقية عقد مستقل يلتزم بموجبه العميل بشروط الإقراض.
  • إقراض الأوراق المالية: يقوم الوسيط بإقراض الأسهم التي يمتلكها هو أو يودعها عملاؤه الآخرين في حساباتهم الاستثمارية للمتداول الراغب في البيع على المكشوف.
    مقابل القرض يدفع المتداول للوسيط، عمولة إقراض عبارة عن رسوم نظير خدمة الإقراض ذاتها.
    بالإضافة إلى ذلك ضمانات فيطلب الوسيط إيداع مبلغ نقدي أو أوراق مالية أخرى كضمان لتغطية المخاطرة في حال ارتفع سعر السهم وحدثت خسائر.

ما هي مواقف العلماء والمجامع الفقهية من البيع على المكشوف

ما حكم تداول البيع على المكشوف
ما حكم تداول البيع على المكشوف

بالواقع انقسمت آراء الفقهاء المعاصرين وبعضها اختلف مع السابقين والمجامع الفقهية في حكم البيع على المكشوف إلى رأيين رئيسيين: رأي يمنع ذلك مطلقاً وهو الغالب، ورأي يجوز بشروط شديدة وهو رأي أقلية.

آراء المانعين للبيع على المكشوف

يمثّل هذا الرأي الموقف الرسمي للأغلبية من المجامع الفقهية وهيئات الرقابة الشرعية الكبرى، وأبرز هذه القرارات:

قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (الدورة التاسعة عشرة، 2009م) الذي جاء فيه “إن بيع السلعة أو السهم قبل قبضه لا يجوز شرعاً” وذلك للنهي عن البيع ولأنه يترتب عليه بيع الديون بعضها ببعض.

وقرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية (الدورة الحادية والستين، 1992م): الذي حرم بيع الإنسان ما لا يملك، مستنداً إلى الحديث النبوي الشريف: “لا تبع ما ليس عندك” (رواه أبو داود والترمذي وحسنهُ).

أدلة المانعين مركزة على مخالفة العملية لعدد من الضوابط الشرعية:

  • بيع ما لا تملك: يقوم البائع ببيع سهم أو أي سلعة لا يملكها وقت العقد، بل هي مملوكة للوسيط أو لغيرهِ، وهذا مخالف للحديث السابق والقاعدة.
  • عدم القبض في مجلس العقد: يَشترط في صحة البيع أن يقبض المشتري قبض حقيقي أو حكمياً قبل التصرف فيها. لكن في تداول البيع على المكشوف؛ البائع يتصرف في السهم قبل أن يقبضه هو أصلاً من المقرض.
  • بيع الدين بالدين: عند تداول البيع على المكشوف يكون السهم المبيع دين في ذمة المقترض ويجب عليه تسليمه للمشتري. والمشتري يدفع الثمن الذي هو أيضاً دين في ذمته؛ فتكون الصفقة تبادل دين بدين، وهو ما نهت عنه السنة.
  • الغرر والمخاطرة (القمار): العملية محفوفة بمخاطر عالية وغير مضمونة الصفقة مطلقاً.
    إذ أن البائع يراهن على اتجاه السوق. إذا ارتفع السعر قد تزيد خسائرهُ كثيراً.
    مما يدخلها في دائرة الميسر والقمار الذي هو أخطر أنواع الغرر.

آراء علماء أجازت البيع على المكشوف مع شروط محدد

لقد قال بعض الفقهاء والمتخصصين المعاصرين بإمكانية الترخيص في البيع على المكشوف إذا توفرت شروط تُزيل الموانع الشرعية، ويعد هذا الرأي منضبط بشروط شديدة يصعب توافرها في جميع الأسواق المالية.

أهم الضوابط الشرعية للبيع على المكشوف

  • أولاً أن يكون القرض بلا فائدة: يجب أن يكون عقد الإقراض للأسهم من الوسيط إلى المتداول قرض حسن، لأن أي عوض مأخوذ على القرض يدخل في ربا القرض.
  • تملك السلعة حقيقةً وقت البيع: أن يكون الوسيط مالك فعلي للأداة المالية التي يقرضها للمتداول.
    وأن يكون متوفر في السوق بشكل فعلي يسمح بتسليمه الحقيقي وليس فقط تسليمه حكماً.
  • القدرة على التسليم الفعلي: أن يتمكن البائع من تسليم السهم للمشتري في مجلس العقد أو في آجله المحدد نظاماً، يعني لا تبيع قبل أن تقبض قبض حقيقي.
  • عدم الإضرار بالشركة: ألا يكون الهدف من العملية المضاربة على انهيار الشركة أو الإضرار بها ونشر الشائعات، بل يكون مجرد توقع انخفاض طبيعي في السعر.
  • الشفافية والوضوح: أن تكون جميع هذه الخطوات والعقود (الإقراض والبيع والرد) واضحة ومعلنة للطرفين وخالية من الغش.

الأسئلة الشائعة

ما الفرق بين البيع على المكشوف والبيع العادي للأسهم؟

الفرق جوهري ويتمحور حول الملكية والقبض فالبيع العادي أن تملك السهم أولاً ثم تبيعه بعد ذلك وهذا هو نمط البيع الشرعي المُجمع عليه. بيمنا البيع على المكشوف؛ تبيع السهم قبل أن تمتلكه فتبيع ما لا تملك وتدخل السوق لشرائه لاحقاً لتسليمه. وهي الصورة التي ورد النهي عنها.

هل إذا سمح الوسيط بالبيع على المكشوف في “الحساب الإسلامي” يصبح حلال ؟

لا، الإذن من الوسيط لا يغير الحكم الشرعي فتسمية الوسيط للحساب بـ “الإسلامي” لا تعني أن جميع الخدمات فيه متوافقة مع الشريعة، فالبيع على المكشوف لهُ أحكامهُ المستقلة بناء على شروط العقد وآليته.

ما حكم البيع على المكشوف في العملات (الفوركس) والعقود الآجلة ؟

الحكم واحد في الجوهر، لأن العلة (بيع ما لا تملك).

اقرأ المزيد عن فتاوى الفوركس

Nayif Alahmad

كاتب ومحلل اقتصادي في موقع توصيات. يترأس قسم التحاليل والتوصيات منذ 5 سنوات, كما ويقوم في اصدار التحاليل اليومية على قناة اليوتيوب الخاصة في موقع توصيات. بدأ مسيرته في هذا المجال من سنة 2015.
زر الذهاب إلى الأعلى